زوجي حبيبي.. ماذا تريد؟

يُحكى أن سيدة كانت تعيسة في حياتها الزوجية، فذهبت إلى حكيم ليدلها على ما تفعله حتى تروِّض زوجها وتسعد معه، فطلب منها الحكيم أن تأتي بسبع شعرات من ذقن أسد، فذهبت المرأة للصحراء ووضعت كمية من اللحم وقربتها من عرين الأسد ثم انصرفت، وكررت هذا الأمر عدة أيام حتى عرفها الأسد، وبدأ ينتظر مجيئها بالطعام لوجودها، فكانت تضع له اللحم وتجلس بجواره حتى يستغرق في النوم آمنًا لصحبتها.

وفي أحد الأيام وهو نائم بجانبها شدت من ذقنه سبع شعرات برفق، وذهبت بهن إلى الحكيم فقال لها: “استطعت ترويض أسد لا أعقل له، ولا تقدرين على ترويض زوجك؟!” (كيف تبنين بيتًا سعيدًا، أكرم رضا، ص: 37).

 

عزيزتي الزوجة:
ألا تريدين أن تملكي قلب زوجكِ؟! أليست هذه الشكوى الدائمة من بعض الزوجات وهي: “زوجي تغير بعد الزواج، لا أعرف ما الذي غيره، فأصبح قليل المزاج، شديد العصبية، أصبح الصمت هو سمة أساسية في تعاملاته، لم يعد يجلس معي عن ذي قبل” ولذا نحاول في هذا المقال أن نضع بعض الوسائل العملية للزوجة، كي تستحوذ على قلب زوجها بأمور صغير لا تحتاج منها إلى جهد وتعب.

 

1- استماع بدل الكلام:
بعض الزوجات نجدهن يحببن أن يطرحن السؤال التالي على أزواجهن: “هل ما زلت تحبني؟” والنصيحة هنا هي: لا تسأليه فقط فيما لو كان يحبك أم لا يحبك، بل ذكِّريه كذلك بأوقات رائعة قضيتماها معًا في فترات قريبة، فتقولين له: “هل تذكر تلك الأوقات الرائعة التي قضيناها معًا؟ وددت لو تكررت مرة أخرى” (بلوغ النجاح في الحياة الزوجية، كلاوديا إنكلمان، ص: 147، بتصرف).

 

عزيزتي الزوجة:
إن الزوج بحاجة إلى من يستمع إليه ويُصغي له، والزوجة الحكيمة تحقق من خلال ذلك أمورًا كثيرة، فهي تشير على زوجها وتشاركه الرأي والمشورة، وتثني عليه وتتحدث معه عن نقاط القوة والضعف في شخصيته، ولذا ينبغي على كل زوجة أن تعطي لزوجها الاهتمام حينما يتكلم ويتحدث إليها، فليس من الأدب أن يتحدث الزوج إلى زوجته، ويبادلها الحديث وتكون الزوجة سرحانة أو تحدث آخرين، أو تقرأ كتابًا، أو تنشغل بغيره ما دام طلب منها الانتباه إلا بعد أن تستأذنه، كأن تستأذنه في تأجيل الحديث لتعبها أو انشغالها، وكل زوجة لا تستمع جيدًا إلى زوجها فسوف تدفع ثمن ذلك متاعب عاجلًا أم آجلًا.

فإذا توجه الزوج بالحديث إلى زوجته: “فوجب على زوجته أن تستمع إليه بقلب كبير، لا تنهمك في أعمال أخرى خلال ذلك كغسيل الآنية مثلًا أو وضع الصحون على المائدة، فتستمع إليه استماعًا حقيقيًا، وليس استماع من ينتظر دوره في الحديث أو من لا يعير من يستمع إليه أدنى اهتمام، فتصبح أكثر تعاطفًا معه، لأنها تسمع وتشعر بالألم والإحباط الذي يعايشه شريك الحياة في بعض الحياة، فتكون قادرة على أن تشاطره فرحه” (لا تهتم بصغائر الأمور في العلاقات الزوجية، ريتشارد كارلسون، ص: 99- 100).

 

النبي المستمع:
وأريد هنا أن أذكركِ أختي الفاضلة بقول الله تعالى وهو يمدح نبيه الكريم: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ} [التوبة: 61].

“لقد لاحظ المنافقون هذا الخلق العظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ألا وهو الاستماع والإنصات للآخرين، ولما كان المنافقون لا يعلمون ولا يفقهون، أرادوا أن يؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهم: {هُوَ أُذُنٌ} أي يسمع من كل من يقول له، فيرد الله عليهم فيقول: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} أي يسمع ما فيه خير لكم، ولا يقر إلا بالحق، ولا يقبل إلا الخير والمعروف، لا أذن شر لكم أيها المنافقون.

ثم تتابع الآية: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ} ولعل الآية توحي إلينا أن الاستماع والإنصات للآخرين رحمة بالناس، ولعل هذه الآية تجعلك تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر وأكثر، وتجعلك تستشعر مدى المصيبة التي أصابت الأمة حينما فقدت هذا القلب الكبير، وهذه
الأذن المصغية المستمعة لمشاكل الناس وهمومهم.

فالناس تحتاج بشدة لمن يستمع إليها، لمن تحكي له مشاكلها وهمومها وإنجازاتها، حتى أنت أيها القارئ الكريم، تحتاج لمن يستمع لك، وتبثه آمالك وآلامك، واسمح لي أن أوجه لك سؤالًا: إذا حدث وقابلتك في يوم من الأيام فأيهما تفضل! أن أظل أتحدث أنا إليك وأنصحك وأوجهك، وأنفرد بالحديث كله، ولا أترك لك فرصة للكلام، أم تريد أن تحاورني وتناقشني، وتحكي لي عن حياتك وإنجازاتك ومشاكلك، وتأخذ برأيي في بعض الأمور؟ بالتأكيد ستختار الاختيار الثاني.

فلماذا ننسى أحيانًا ونحرص على الانفراد بالحديث وعرض آرائنا، وعدم إتاحة فرصة للآخر لكي يتكلم أو يعلِّق، إننا بذلك نخسر الأشخاص” (سحر الاتصال، محمد أحمد العطار، ص: 39).

 

ورقة عمل:
– كوني لزوجك: (الشاطئ الذي ترسو عليه سفينة حياته، فيقلع عن قلبه الخوف من أعماق بحارها المظلمة، وكوني له الواحة التي يحط عندها رحاله، فيجد الماء البارد العذب، والظل الوارف الظليل، فتسكن نفسه بعد قلق هجير صحراء الحياة، وكوني له القلب الذي يضع عنده كل أحزانه، ويروي ظمأه من ينبوع حبه ووده) (كيف تبنين بيتًا سعيدًا، د. أكرم رضا، ص: 18).

– استمعي لزوجك بكل ما أوتيتِ من طاقة، وتيقني أن هذا سيعلي من رصيد الحب تجاهك عنده.

– تذكري كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستمع إلى كل الناس ولا يرفض أحدًا، فما بالك بزوجك الذي يستحق منكِ أن تنصت له وتحسني إليه.

 

2- تغافر لا تعاتب:
“كان لرجل حديقة، وكان يمر به صديق حميم في طريقه صباحًا ومساءً، فقالت له زوجته يومًا: ألا تدعو صديقك على عنقود عنب فسارع الرجل في تنفيذ نصيحة زوجته ودعاه على عنقود، وجلس الضيف يأكله ثم قام شاكرًا لصاحبه، ومرت عشرة أيام على ذلك، كل يوم يدعوه على عنقود، وفي اليوم التالي قالت الزوجة: إن من تمام إكرام الضيف أن تأكل معه حتى تشجعه على الاستزادة، فنفذ الرجل وصية امرأته، وغسل عدة عناقيد وقدمها لصاحبه وجلس معه يشاركه الطعام، وصديقه يأكل مبتسمًا شاكرًا له..

وإذا بصاحب الحديقة يضع واحدة من العنب في فمه فيصيح من مرارتها قائلًا: منذ متى تأكل من هذا العنب؟ ابتسم الصديق وقال: من أول يوم، فهاج صاحب العنب وقال له: كيف تأكل منه وهو بهذه المرارة؟ فقال له الصديق الوفي: لقد أكلت من يديك حلوًا كثيرًا، ألا أغفر لك بعض المر” (كيف تبنين بيتًا سعيدًا، د. أكرم رضا، ص: 108).

 

عزيزتي الزوجة:
إن زوجك فعل الكثير من الأشياء الحسنة من أجلك، ولازال يبذل من وقته وجهده حتى يوفر لكِ العيشة الهنية والحياة السعيدة، فلا تقابلي هذا بالعتاب الذي يورث البغض، فنجد أن بعض الزوجات قد تعمد إلى عتاب زوجها عند قدومه من خارج البيت، لتأخره أو لعدم إحضار المطلوب، وهذا يُعكِّر صفو الحياة الزوجية، فالزوجة بذلك قد أغلقت أبواب الحب عند الزوج، بل ربما دفعته للهجر والخصام.

فإذا أرادت الزوجة أن تملك قلب زوجها، فإن أحد الطرق إلى ذلك، أن تجعل الخطأ الذي تريد من الزوج أن يصححه يبدو التصحيح، كما تؤكد على أن العمل الذي تريد منه القيام به سهلًا هينًا، وكذلك من الأشياء التي تزيد من رصيد حبك في قلب زوجك، أن تقفِ بجانبه في الأوقات التي يكون هو فيها مخطئًا، لأن الرجل حين يرتكب الخطأ، ويشعر بالإحراج والأسى يكون في أمسِّ الحاجة إلى حب زوجته، فإذا حصل منها على الحب والتقدير والتدعيم، فإنه يسجل له النقاط الكثيرة في رصيد حبها.

فالرجل لا يحب تلك المرأة التي تحسب عليه كل صغيرة وكبيرة وكل شاردة وواردة، فضلًا عمن تقرأ أفكار زوجها قبل أن ينطق بها، فتحاسبه عليها، ولكِ أختي الزوجة في رسول الله عليه وسلم وهو يحث النساء على التعامل الكريم مع أزواجهن حينما يغضبن، فقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العئود، التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك، لا أذوق غمضًا حتى ترضى» (حسنه الألباني).

 

ورقة عمل:
اعلمي أختي الزوجة: “أن أي خصومة لا بد أن يعقبها صلح، فلا داعي لتطويرها بحجب الخدمات الزوجية عن زوجك، فأداء حقوقه شيء، والحزن شيء آخر، فعلاج الغضب والمشكلات يكون بالتفاهم والصبر، فكل ذلك يخفف من أثره، وأما حرمانه تلك الخدمات، أو الزيادة على ذلك بترك تنظيف الولد أو ترك الطفل يبكي تعبيرًا عن الغضب، فهذا يزيد النار اشتعالًا” (وصايا إسلامية في الزواج، محمد كامل الشربجي، ص: 38- 39).

 

المصادر:
• كيف تبنين بيتًا سعيدًا، أكرم رضا.
• وصايا إسلامية في الزواج، محمد كامل الشربجي.
• سحر الاتصال، محمد أحمد العطار.
• لا تهتم بصغائر الأمور في العلاقات الزوجية، ريتشارد كارلسون.
• بلوغ النجاح في الحياة الزوجية، كلاوديا إنكلمان.

أم عبد الرحمن محمد يوسف
المصدر: موقع مفكرة الإسلام

ما رأيك بهذا المقال؟

انقر على النجمة لتقييمه!

متوسط ​​التقييم 0 / 5. عدد الأصوات: 0

No votes so far! Be the first to rate this post.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.